النسوية الكويرية هي نهج نسوي يسعى إلى تحدي المعايير الجندرية والمغايرة جنسياً التي تُعتبر مركزية في البُنى الاجتماعية. هذا النهج ينتقد الهياكل الهرمية الجندرية والجنسية القائمة، ويستمد إلهامه من النظريات الكويرية التي تُؤكد على الهويات المتنوعة والسائلة. تدعو النسوية الكويرية إلى إعادة النظر في مفاهيم مثل الجندر والجنسانية والعائلة، وتتحدى الحدود التقليدية والثابتة لهذه المفاهيم.
تُعرف النسوية الكويرية بشكل خاص مع الموجة الثالثة من الحركة النسوية، التي انتقدت وجهات النظر الثنائية والشمولية، لكنها تواصل تطورها في الموجة النسوية الرابعة من خلال استخدام المنصات الرقمية لتوسيع النقاش والنشاط.
على عكس النسوية التقليدية التي تركز على النساء وتجاربهن، تُركّز النسوية الكويرية أيضًا على المجموعات المُهمشة التي لا تتماشى مع التعريفات الثنائية والتقليدية للجندر والجنس، مثل الأشخاص العابرين/ات جندريًا، وغير الثنائيين/ات، وثنائيي/ثنائيات الجنس، واللاجنسيين/اللاجنسيات. هذا النهج يؤكد أن الهويات غير المغايرة جنسياً تواجه قمعًا خاصًا بها، ولها مكان متساوٍ في الخطاب النسوي.
تتعامل النسوية الكويرية مع القمع كحدث تقاطعي، وتدرس كيفية تأثير عوامل أخرى مثل العرق والطبقة والقومية على تجارب القمع. على سبيل المثال، تواجه النساء العابرات جندريًا من السود مزيجًا من العنصرية ورهاب التحول الجنسي والقمع الاقتصادي، ولذلك هناك حاجة إلى نقاش أوسع حول العدالة الاجتماعية, وحول كيفية عمل آليات القمع والتمييز والإقصاء على مكونات الهوية المختلفة للفرد الكويري. تهدف هذه المقاربة إلى تفكيك الهياكل الهرمية الاجتماعية وخلق مجتمع يعترف بقيمة جميع الهويات المتنوعة.
من بين الشخصيات البارزة في هذا المجال، جوديث بتلر، التي ساهم كتابها "Gender Trouble" في تقديم فهم جديد للجندر باعتباره عملية اجتماعية وليس تعريفًا بيولوجيًا. كما تُعتبر سارة أحمد شخصية مؤثرة بفضل أبحاثها حول النسوية والكويرية ودراسة كيف يمكن أن تُستخدم مشاعر "عدم الارتياح" كأداة سياسية. يظهر النشاط الكويري في منظمات مثل "إيجي" في إسرائيل، التي تُشجع التعبير الجندري الحر، أو في حركات مثل "Black Lives Matter"، التي تُبرز تجارب النساء الكويريات السود كجزء من النضال من أجل العدالة الاجتماعية.
